ما هو علم السيرة النبوية ؟

تعريف السيرة وفوائد دراستها
أولاً تعريفها لغة
السِّيرَة: الاسم من السَّيْر,ولها عدة إطلاقات: بمعنى الطريقة سواء كانت خيراً أو شراً , يقال: فلان محمود السِّيرَة , وفلان مذموم السِّيرَة
والسِّيرَة:الهيئة , وفي التنزيلسَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَى)
والسِّيرَة: السُّنة ,قال خالد بن زهير :
فَلاَ تَجْزَعَنَّ مِن سُنَّةٍ أَنتَ سِرْتَها فَأَوَّلُ راضٍ سُنَّةً مَن يَسِيرُهَا
وفي تاج العروس: "والسِّيرَة النبوية وكتب السِّير, مأخوذة من السيرة بمعنى الطريقة , وأدخل فيها الغزوات وغير ذلك إلحاقاً أو تأويلاً"
ثانياً: السِّيرة في الاصطلاح
قد يذكر مصطلح السيرة ويقصد به أخبار السابقين , ففي كتاب الإبانة الكبرى نقرأ من أقوال عبد العزيز الماجشون وهو يحذر من الجدل: وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يُجَادِلُوكَ بِتَأْوِيلِ الْقُرْآنِ وَاخْتِلَافِ الْأَحَادِيثِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَتُجَادِلَهُمْ فَتَزِلَّ كَمَا زَلُّوا وَتَضِلَّ كَمَا ضَلُّوا فَقَدْ كَفَتْكَ السِّيرَةُ ـ يَعْنِي سِيرَةَ السَّلَفِ ـ
ولكن الغالب عند إطلاق هذا المصطلح أنه ينصرف إلى سيرة النبي- صلى الله عليه وسلم – وقيل إن أول من استعمل كلمة سيرة وقصد بها حياة النبي – صلى الله عليه وسلم – هو محمد بن مسلم بن شهاب الزهري
وكذلك وجدنا في كلام الواقدي إطلاقاً ينصرف إلى سيرة النبي – صلى الله عليه وسلم – قال مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ،: قُلْتُ لِمُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ: إِنَّ أَهْلَ الْكُوفَةِ رَوَوْا، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ: «كُنْتُ أَمْتَحُ لِأَصْحَابِي يَوْمَ بَدْرٍ مِنَ الْقَلِيبِ» فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: «هَذَا غَلَطٌ مِنْ رِوَايَةِ أَهْلِ الْعِرَاقِ فِي جَابِرٍ وَأَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ يُصَيِّرُونَهُمَا فِيمَنْ شَهِدَ بَدْرًا، وَلَمْ يَرْوِ ذَلِكَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ وَلَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، وَلَا أَبُو مَعْشَرٍ، وَلَا أَحَدٌ مِمَّنْ رَوَى السِّيرَةَ»
وقريب من هذا قول الشافعي:" لَمْ يَخْتَلِفْ أَهْلُ السِّيرَةِ عِنْدَنَا: ابْنُ إِسْحَاقَ , وَمُوسَى بْنُ عُقْبَةَ , وَجَمَاعَةٌ مِمَّنْ رَوَى السِّيرَةَ , أَنَّ بَنِي قَيْنُقَاعَ كَانَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُوَادَعَةٌ وَعَهْدٌ , فَأَتَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ إِلَى صَائِغٍ مِنْهُمْ لِيَصُوغَ لَهَا حُلِيًّا , وَكَانَتِ الْيَهُودُ مُعَادِيَةً لِلْأَنْصَارِ , فَلَمَّا جَلَسَتْ عِنْدَ الصَّائِغِ عَمَدَ إِلَى بَعْضِ حَدَائِدِهِ فَشَدَّ بِهِ أَسْفَلَ ذَيْلِهَا وَجَيْبَهَا وَهِيَ لَا تَشْعُرُ , فَلَمَّا قَامَتِ الْمَرْأَةُ وَهِيَ فِي سُوقِهِمْ نَظَرُوا إِلَيْهَا مُنْكَشِفَةً فَجَعَلُوا يَضْحَكُونَ مِنْهَا وَيَسْخَرُونَ , فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَابَذَهُمْ وَجَعَلَ ذَلِكَ مِنْهُمْ نَقْضًا لِلْعَهْدِ"
إلا أننا لم نجد في كلام المتقدمين تعريفاً للسيرة كفن مستقل , اللهم إلا ما وجدته من إشارة في كلام الحافظ ابن حجر في فتح الباري حيث قال: وَالسِّيَرِ بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ التَّحْتَانِيَّةِ جَمْعُ سِيرَةٍ وَأُطْلِقَ ذَلِكَ عَلَى أَبْوَابِ الْجِهَادِ لِأَنَّهَا مُتَلَقَّاةٌ مِنْ أَحْوَالِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزَوَاته"
فالحافظ هنا يشير إلى أن السيرة هي أحوال النبي –صلى الله عليه وسلم – في حياته كلها والغزوات جزء منها.
ولم يخرج المعاصرون عن هذا المعنى في تحديد مفهوم السيرة , فعرفتها دائرة المعارف الإسلامية بأنها: الترجمة المأثورة لحياة النبي – صلى الله عليه وسلم -
هذا ما عليه أكثر الكاتبين في السيرة: أنها ذكر وقائع حياته – صلى الله عليه وسلم – من يوم مولده إلى يوم وفاته.
ولكن نظرة متعجلة في مصادر السيرة القديمة والحديثة تجعلنا نقول: إن تعريف السيرة كعلم مستقل أرحب وأوسع من ذلك , فإذا ما نظرنا إلى فهرس سيرة ابن هشام بعد سرد النسب الزكي نجد هذه العناوين:سياقة النسب من ولد إسماعيل , عمر إسماعيل وموطن أمه ووفاته وحديث الوصاة بأهل مصر , أصل العرب , ذكر نسب الأنصار , أمر عمرو بن عامر وقصة سد مأرب , اسْتِيلَاءُ أَبِي كَرِبٍ تُبَّانَ أَسْعَدَ عَلَى مَلِكِ الْيَمَنِ وَغَزْوِهِ إلَى يَثْرِبَ ,تبع يذهب إلى مكة ويطوف بالكعبة , ملك ذي نواس وسبب وجود النصرانية في نجران , القليس أو كنيسة أبرهة , الكناني يحدث في القُلَّيْس ,خروج أبرهة لهدم الكعبة.
هذه بعض العناوين لم نذكرها على التتابع ,بل أسقطت من بينها عناوين أخرى ,ثم يسترسل ابن هشام حتى يصل إلى عبادة الأصنام ,وأصلها وسببها , لا يذكر أصنام العرب فقط , ولكن أصنام قوم نوح , ثم أصنام العرب وأسماءها , وفعل العرب مع أصنامهم ,ثم يسترسل حتى يرجع إلى الكلام على النسب: نسب خزاعة , ثم ينزل حتى يصل إلى أولاد هاشم وأمهاتهم , وأولاد عبد المطلب بن هاشم وأمهاتهم , ثم يجيء الكلام على أم رسول الله – صلى الله عليه وسلم –وأمهاتها , وبعدها الكلام على مولده المبارك.

جزاكم الله خيرا عنا وعن جميع المسلمين

جزاكى الله خيرا سحر