احفظ عليك لسانك

من طرف سهيلة الأربعاء أبريل 09, 2014 6:52 pm

احفظ عليك لسانك
=====

عنوان مقتبس من جوامع كلم النبي عليه الصلاة والسلام التي تضمنها حديث معاذ بن جبل حين قال رضي الله عنه: يا رسول الله، أوصني، قال: ((احفظ عليك لسانك)) فأعاد عليه، فقال: ((ثكلتك أمُّك يا معاذ، هل يكب الناس على مناخرهم في النار إلا حصائد ألسنتهم))[رواه أبو داود وصححه الألباني].

ولذلك كان الصحابة رضي الله عنهم يحذرون من الكلام المباح خشية الوقوع في الكلام المحظور، مبالغة منهم في حفظ ألسنتهم، واحتياطاً لدينهم.

وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلِّم أصحابه التعوّذ من شر اللسان فيقول لسائل منهم سأله: يا نبي الله علمني تعوذاً أتعوذ به، قال: فأخذ بيدي ثم قال: ((قل أعوذ بك من شر سمعي وشر بصري وشر لساني وشر قلبي..)) الحديث[رواه النسائي وصححه الألباني].

كيف يحفظ المسلم لسانه؟:

يحفظ المسلم لسانه بأن يكون كلامه طيباً جميلاً ليّناً، فإذا تكلم لم يقل إلا خيراً، وهو بهذا مع الأصدقاء يحفظ مودتهم، ويستديم صداقتهم، ويمنع كيد الشيطان أن يمزِّق حبالهم ويفسد ذات بينهم، قال الله: {وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ}[الإسراء:53].

ويكون حفظ اللسان بحسن الحديث مع الخصوم فذلك يطفئ خصومتهم، ويكسر حدتهم، أو يوقف تطور الشر، واستطارة شرره، قال الله تعالى: {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ}[فصلت:34].

ويكون حفظ اللسان بترك الغيبة والبهتان، الذي فسرهما النبي صلى الله عليه وسلم حين سأل أصحابه: أتدرون ما الغيبة؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: ((ذكرُك أخاك بما يكره)) قيل: أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: ((إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته وإن لم يكن فيه فقد بهتّه))[رواه مسلم].

ويكون حفظ اللسان بحبسه عند الغضب وكظم الغيظ، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إذا غضب أحدكم فليسكت))[رواه البخاري في الأدب المفرد وصححه الألباني].

وقال النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من كظم غيظا وهو قادر على أن ينفذه دعاه الله عز وجل على رءوس الخلائق يوم القيامة حتى يخيره الله من الحور ما شاء))[رواه أبو داود وحسنه الألباني].

وعلاج الغضب يكون بالعمل بقوله صلى الله عليه وسلم: ((إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس فإن ذهب عنه الغضب، وإلا فليضطجع))[رواه أبو داود وصححه الألباني].وبقوله صلى الله عليه وسلم: ((إذا غضب الرجل فقال: أعوذ بالله سكن غضبه))[رواه الطبراني في معجمه الأوسط وصححه الألباني].

ويكون حفظ اللسان بترك النميمة وهي الوشاية بقصد الإفساد ولو كان صادقاً في النقل، لخطورة ذلك ولما ترتب على هذه الصفة الذميمة من عقوبة عظيمة، قال عليه الصلاة والسلام: ((لا يدخل الجنة نمام))[رواه البخاري ومسلم].

ويكون حفظ اللسان بترك شهادة الزور فهي من أكبر الكبائر المهلكات، قال عليه الصلاة والسلام: ((ألا أنبئكم بأكبر الكبائر.. وختم حديثه قائلاً: ((ألا وقول الزور وشهادة الزور)) حتى قال الصحابة ليته سكت[رواه البخاري ومسلم].

ويكون حفظ اللسان بالكلام الحسن وترك الكذب والجدال إلا بالتي هي أحسن؛ فالمؤمن ليس كذاباً بل الكذب من علامات النفاق كما هو معلوم، والجدال يوغر الصدور، لذلك يقول الله تعالى: {وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ}[الإسراء:53].

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقاً، وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحاً))[رواه أبو داود وحسنه الألباني].

ختاماً:

الصمت يجمع الهمة ويفرغ الفكر، وإذا كان الكلام من فضة فالصمت من ذهب.

عن عبد الله ابن سفيان عن أبيه قال: قلت: يا رسول الله أخبرني عن الإسلام بأمر لا أسأل عنه أحداً بعدك؟ قال صلى الله عليه وسلم: ((قل آمنت بالله، ثم استقم)) قلت: فما أتقي؟ فأومأ بيده إلى لسانه[رواه أحمد وقال الألباني: حسن صحيح].

وبالصمت تنصف أذنيك وتسلم من الزلل، قال أبو الدرداء‏:‏ أنصف أذنيك من فيك،فإنما جعلت لك أذنان وفم واحد لتسمع أكثر مما تتكلم به، وقال مخلد بن الحسين‏:‏ ما تكلمت منذ خمسين سنة بكلمة أريد أن أعتذر منها‏.

وعن أبي موسى رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله، أي المسلمين أفضل؟ قال: ((من سَلِمَ المسلمون من لسانه ويده))[رواه الترمذي وصححه الألباني].

وبالصمت تسلم من الهلاك، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الرجل ليتكلم بالكلمة لا يرى بها بأساً يهوي بها سبعين خريفاً في النار))[رواه الترمذي وصححه الألباني].

والصمت من علامة إيمان المرء،قال النبي عليه الصلاة والسلام: ((من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت))[رواه البخاري ومسلم].

فعليك أخي المسلم أن تحفظ لسانك مستذكراً أن المسلم كلامه حسن طيب صدق، وأن المسلم كما شبهه النبي صلى الله عليه وسلم بالنحلة التي ((لا تأكل إلا طيباً ولا تضع إلا طيباً))[رواه ابن حبان وحسنه الألباني].

وإن أوشكت على الزلل فأمسك لسانك وقل له: يا لسان قل خيراً تغنم، أو اسكت عن شر تسلم، وبهذا تكون عاملاً بوصية النبي صلى الله عليه وسلم.

نسأل الله أن ينفعني وإياك والمسلمين بها، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
منقول .. موقع هداية